اقتصاددولي

تذاكر الطيران الباهظة خلال الصيف تُعطل خطط ملايين الراغبين في السفر حول العالم بعد عامين من الإغلاق

قبل أسبوعين، علقت الخطوط الملكية الهولندية “KLM” مبيعات تذاكر الطيران بمطار سخيبول في أمستردام، بعد أن امتدت طوابير المسافرين إلى الطريق السريع خارج المطار.

وفي مطار باراخاس في مدريد، عينت السلطات الإسبانية 500 شرطي هذا الأسبوع للتعامل مع زيادة مفاجئة في عدد المسافرين، فيما اضطر 15 ألف مسافر لإلغاء سفرهم منذ مارس الماضي، بحسب شركة طيران آيبريا. 

أما في الشرق الأوسط، سجل مطار دبي الدولي، وهو أكثر المطارات العربية ازدحاما، زيادة في حركة الطيران بنسبة 75-80% مقارنة بفترة جائحة كوفيد-19، بحسب رئيس مجموعة طيران الإمارات، الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم.

ومع تنامي عدد المسافرين الوافدين إلى دبي رفعت مؤسسة مطارات الإمارة توقعاتها لعدد المسافرين في المطار من 52 مليون مسافر إلى 58.3 مليون مسافر بنهاية عام 2022.

وتوقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي “إياتا IATA” عودة أعداد المسافرين إلى مستويات ما قبل الجائحة وتعافي قطاع الطيران خلال عام 2023، أي قبل عام مما كان متوقعا في السابق.

تذاكر باهظة وعطلات ملغاة

وببحث بسيط على مواقع السفر، يتضح الارتفاع الكبير في أسعار تذاكر الطيران خلال صيف 2022، ما يهدد أحلام الملايين من الراغبين في السفر بإلغاء عطلاتهم خارج البلاد.

وتقول مديرة إحدى شركات السياحة المصرية، هدى رضا، إن الزيادات في أسعار التذاكر للوجهات المختلفة وصلت أكثر من 50%.

وأضافت رضا، لفوربس، إنها لم تر مثل تلك الزيادات طوال 42 عاما عملت خلالها في القطاع.

وبلغ سعر التذاكر المتاحة بين القاهرة وتايلاند وإندونيسيا ما يزيد عن 60 ألف جنيه مصري (3200 دولار). وارتفع سعر التذكرة بين القاهرة وبرلين أيضا من حوالي 8 آلاف جنيه إلى 15 ألف جنيه (من 427 دولارا إلى 800 دولار).

وبحسب نائب رئيس إياتا لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، كامل العوضي، يصعب تحديد تأثير ارتفاع الطلب في بداية الموسم على أسعار التذاكر، إلا أنه أشار في تصريح لفوربس إلى أن الاتحاد سيعلن في 21 يونيو الجاري البيانات المبدئية المتعلقة بموسم الصيف.

ووصلت تكلفة الرحلة بين دبي ولندن خلال يوليو على طيران الإمارات من الدرجة الاقتصادية 1300 دولار، بينما تصل قيمة الرحلة بين القاهرة ودبي خلال الشهر نفسه إلى 645 دولارا على متن مصر للطيران.

كما ارتفعت تذاكر الذهاب والعودة من الدرجة الاقتصادية بين هونغ كونغ ولندن على طيران كاثي باسيفيك “Cathay Pacific” في أواخر يونيو إلى 5300 دولار، وهو ما يزيد عن خمسة أضعاف التكلفة المعتادة قبل الجائحة.

وتكلف الرحلات الجوية المباشرة بين نيويورك ولندن في التوقيت ذاته تقريبًا أكثر من ألفي دولار في الدرجة الاقتصادية.

إذا ما هي أسباب تلك الزيادة الكبيرة في أسعار تذاكر الطيران؟

1. “السفر الانتقامي”

بعد عامين الاضطرابات في حركة السفر العالمية بسبب انتشار فيروس كوفيد-19، بدأت الدول في تخفيف إجراءات السفر تدريجيا.

ومع انتشار التطعيمات المضادة للفيروس حول العالم، عاد الطلب بقوة تزيد عن مستويات ما قبل الجائحة. 

وتتوقع إياتا أن يبلغ عدد المسافرين في 2024 نحو 4 مليارات مسافر، بزيادة 103% عن 2019. 

وقال الرئيس التنفيذي لشركة دلتا إيرلاينز “Delta Airlines” الأميركية، إد باستيان إن “الطلب فاق التوقعات” مشيرا إلى أن الأسعار خلال الصيف ستزيد بنسبة 30% مقارنة بعام 2020 عندما بدأت الجائحة.

وأكد في تصريح الأسبوع الماضي أن الزيادات تأتي للمسافرين من أجل الترفيه وفئة رجال الأعمال والعملاء المتميزين والمسافرين الدوليين على حد سواء.

وأطلق محللون على العودة القوية “السفر الانتقامي” في محاولة من المسافرين لتعويض ما فاتهم خلال عامي الإغلاق بوجهاتهم المفضلة.

وتوقع العوضي، نائب رئيس إياتا الإقليمي، المزيد من ارتفاع الطلب خلال الأشهر المقبلة مع إلغاء الدول للقيود، وسعي المسافرين لتعويض فرص العطلات التي فاتتهم خلال العامين الماضيين.

كما اتفقت رضا مع العوضي، في أن الإقبال سيظل مرتفعا ومعه الأسعار حتى بعد انتهاء الصيف.

وأوضحت أنّ “العديد من الأسر المصرية فوجئت بارتفاع الأسعار وعدم وجود مواعيد في السفارات للحصول على تأشيرات، وفور انتهاء الصيف سيرغبون في السفر لقضاء الإجازات”.

لفت المدير العام لإياتا، ويلي والش، الشهر الماضي، إلى موجة حجوزات قوية للغاية، مشيرا إلى أنّ “جميع الرؤساء التنفيذيين لشركات الطيران الذين أتحدث معهم لا يرون تحسنا في الطلب على السفر على المدى القريب وحسب، أنّما طوال العام أيضا.. أعتقد أن التعافي سيكتسب زخمًا بقية هذا العام وحتى عام 2023”.

وخلال شهر أبريل وحده، قالت إياتا إن سوق الطيران العالمي شهد نموا بنسبة 331% على أساس سنوي.

وخفف العوضي من المخاوف التي لا تزال تلوح أمام عودة حركة السفر بشكل طبيعي في عدة مناطق في العالم.

ودعا العوضي الدول التي لا تزال تطبيق قيود السفر، وأبرزها الصين، “للتعلم من خبرات العالم في أن التعامل مع تزايد السفر ممكن مع الدرجات عالية لمناعة الجموع والإجراءات العادية لمراقبة الأمراض”.

2. فتّش عن أوكرانيا

كما أثرت الحرب الروسية الأوكرانية على أسعار الغذاء وسلاسل الإمداد، ساهمت أيضا بدورها في ارتفاع أسعار التذاكر للمصطافين.

ويقول ويلي والش إن أسعار النفط ساهمت وحدها بزيادة الأسعار بنسبة 10%.

وزادت أسعار النفط بنسبة 58% منذ بداية العام، ويتداول برميل خام برنت وقت إعداد التقرير عند 123.3 دولار.

ويمثل وقود الطائرات حاليا ما يصل إلى 38% من متوسط تكاليف شركة الطيران، ارتفاعًا من 27% في 2019.

3. نقص العمالة

تمثل واقعة مطار مدريد أحدث سلسلة من متاعب صناعة الطيران المتعلقة بنقص العمالة.

وفقد مئات الآلاف من الطيارين والمضيفين والعاملين بالمطارات وظائفهم بسبب الخسائر الكبرى للقطاع عام 2020. 

وفي هذا السياق، لفت الرئيس التنفيذي لشركة يونايتد إيرلاينز الأميركية، سكوت كيربي، إلى أنّ شركات الطيران بحاجة إلى توظيف 13 ألف طيار هذا العام، لكن التدريب يخرج فقط من 5 إلى 7 آلاف طيار سنويًا في الولايات المتحدة.

وأضاف “لن تتمكن معظم شركات الطيران من تحقيق خطط طاقتها الاستيعابية لأنه ببساطة لا يوجد عدد كاف من الطيارين، على الأقل ليس للسنوات الخمس المقبلة”.

ويتطلع مطار شانغي في سنغافورة، والذي يحظى بالعديد من الجوائز كأفضل مطارات العالم، لتوظيف أكثر من 6.6 ألف شخص.

وعلي الرغم من وصول رواتب العاملين في المطار إلى 3.7 ألف دولار سنغافوري (2.6 ألف دولار) شهريا يضاف إليعا مكافآت تعيين بقيمة 25 ألف دولار سنغافوري (18 ألف دولار)، يحجم العديد من الأشخاص عن قبول وظائف في المطار لعدم استعدادهم للإنضمام إلى “صناعة تعمل بشكل متقطع” كما نقلت بلومبيرغ عن عدد من الرافضين للعودة إلى وظائفهم في المطار.

عن فوربس ميدل ايست

Exit mobile version