اقتصاد

بين تداعيات الحرب و تبعات كورونا .. هذه اسباب ارتفاع أسعار المحروقات

تشهد أسعار المحروقات ارتفاعات متتالية، حيث بلغت مستويات قياسية، فقد تراوح سعر اللتر الواحد من الكازوال، يوم السبت 18 يونيو 2022، بين 15 و16 درهما، في ما تجاوز لتر البنزين 18 درهما. ويتساءل مواطنون عن أسباب هذه الزيادات؟ والحلول الممكنة للحد منها؟

تشهد أسعار المحروقات بمحطات الوقود في الآونة الأخيرة زيادات متتالية، حيث بادرت الدولة لدعم مهنيي النقل، الذي تستفيد منه حوالي 180 ألف عربة للحد من تداعيات هذه الأزمة، لكن تظل المطالبة بإيجاد حلول أكثر نجاعة، سواء في الوقت الراهن أو على المدى البعيد، من خلال تكوين مخزون استراتيجي من المواد الطاقية يقي المملكة من تقلبات الاقتصاد العالمي.

بين تداعيات كورونا وتبعات الحرب

قال المحلل الاقتصادي رشيد ساري إن الارتفاعات المتتالية التي تشهدها أسعار المحروقات على المستوى العالمي راجعة إلى عاملين رئيسيين؛ يتمثل الأول في بداية تعافي الاقتصاد العالمي من تداعيات جائحة كورونا، أما العامل الثاني فيكمن في الأزمة الروسية الأوكرانية.

وأوضح ساري، في تصريح لـSNRTnews، أن بداية تعافي الاقتصاد العالمي من تبعات الأزمة التي فرضتها جائحة كورونا شكلت عاملا مساعدا في زيادة الضغط على المواد الأساسية ومنها المحروقات، مما جعل الدول غير المنتجة لهذه المواد، ومن بينها المغرب، تحت رحمة تقلبات السوق الدولية.

وأبرز ساري أن الحرب الروسية الأوكرانية، التي لا تزال مستمرة، لعبت كذلك دورا محوريا في الارتفاعات التي تشهدها أسعار المحروقات عالميا، مشيرا إلى أن روسيا تمول الاقتصاد الأوروبي بحوالي 40 بالمائة من البترول و30 بالمائة من الغاز.

وتابع المتحدث ذات أن منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”، بدورها، لم تتخذ خطوات جريئة للحد من تبعات هذه الأزمة الاقتصادية العالمية من خلال الرفع من الإنتاج للتخفيف من الضغط، الذي كانت الدول الغير المنتجة للطاقة، مثل المغرب، على رأس المتضررين منه.

الحكومة ورهان التموين

تعبأت الحكومة المغربية للتخفيف من ثقل الزيادات في الأسعار على القدرة الشرائية للمواطنين، حيث أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح العلوي، شهر يونيو الجاري بالبرلمان، أن ارتفاع أسعار المواد الأولية وصعوبة التموين رهان عالمي خصوصا في الدول غير المنتجة للطاقة كالمغرب.

وتطرقت الوزيرة إلى رهان توفير مخزون من المحروقات، مبرزة أن الحكومة معبئة لذلك وتشتغل مع جميع الشركاء في المحروقات لتزويد السوق، وتوفير مخزون استراتيجي، وعدم تسجيل أي مشكل في التموين.

وأوضحت المسؤولة الحكومية أن سعر برميل النفط الخام تعدى 128 دولار، فيما وصل سعر البنزين المكرر إلى 1600 دولار للطن، وسعر الغازوال المكرر إلى 1300 دولار للطن، مشيرة إلى أن الحكومة دعمت قطاع النقل أولا لكونه أول مستهلك للمحروقات، مشيرة إلى دعم حوالي 180 ألف عربة وعزم الحكومة الاستمرار في هذا الدعم.

ومن جهة أخرى، اعتبرت الوزيرة أن الحكومة مطالبة الآن بتدبير هذه الأزمة وعدم رهن الأوراش الكبرى التي جاء بها البرنامج الحكومي، لافتة إلى وجود “اختيارات واضحة يجب الاستمرار فيها؛ من قبيل الدولة الاجتماعية والطاقات المتجددة والماء”.

ويرى عمر الكتاني، أستاذ الاقتصاد في جامعة محمد الخامس بالرباط، إن الارتفاعات، التي تشهدها أسعار المحروقات بالمغرب منذ فترة، تبقى منطقية قياسا مع التطورات العالمية، لكون المملكة غير منتجة للمواد الطاقية، كما أن عدم توفير مخزون استراتيجي من هذه المواد يضعنا تحت رحمة تقلبات السوق الدولية.

المخزون الاستراتيجي ونقاش “سامير”

أفاد الكتاني، في تصريح لـSNRTnews، أن الأزمة الاقتصادية العالمية التي تُعتبر زيادات أسعار المحروقات إحدى تبعاتها، جددت التأكيد على ضرورة تكوين مخزون استراتيجي على جميع المستويات، خصوصا المواد الغير مُنتجة محليا كما هو الشأن بالنسبة للمحروقات في المغرب.

وأضاف أستاذ الاقتصاد في جامعة محمد الخامس بالرباط أن المغرب يعتبر من الدول السباقة للانخراط في الطاقات المتجددة، التي يجب أن يتم التفكير في توظيفها بطريقة اجتماعية إلى جانب المخططات الاقتصادية، من خلال اعتمادها في كل مناحي الحياة اليومية، للتقليل من الارتباط بالسوق الدولية.

وفي السياق ذاته، يرى رشيد ساري أن الوقت قد حان لاعتماد سياسة طاقية جديد بالمغرب، مرتبطة بالمحيط العالمي، مبرزا أن إغلاق مصفاة “سامير” ساهم في تكريس مشكل تخزين المواد البترولية، الذي تعاني منه المملكة منذ أزيد من 20 سنة.

وتَعتبر الجبهة الوطنية لإنقاذ مصفاة البترول أن شركة “سامير” هي “المخرج الوحيد والمضمون من أجل الرفع من الاحتياط الوطني من الطاقة البترولية ومواجهة خطر انقطاع أو اضطراب الامدادات والحد من الأسعار الفاحشة للمحروقات بعد التحرير”.

وسبق لمرصد العمل الحكومي، التابع لمركز الحياة لتنمية المجتمع المدني، أن أفاد، في ورقة تنفيذية حول الزيادات في أسعار المحروقات، بأنه ورغم أن الزيادات المتسارعة في أسعار المحروقات في المغرب تحمل بصمات دولية واضحة، نابعة بالأساس من السياق الاقتصادي العالمي، لكن هذا لا يعني أن مجموعة من الإجراءات والتدابير المتخذة في المغرب في ما يخص قطاع المحروقات، تساهم هي أيضا في استفحال هذه الأزمة، وتزيد من وقع الزيادة في أثمنة المحروقات.

وأشار المرصد إلى أن مجموعة من القرارات والإجراءات التي راكمها المغرب طيلة سنوات شكلت بيئة مناسبة لاستفحال هذه الأزمة، واشتداد وقعها وتأثيرها على النسيج الاقتصادي الوطني، موضحا أن تحرير المغرب لأسعار المحروقات بدون أي استشراف مستقبلي، وبدون وضع آليات حقيقية وواضحة للمنافسة بين مختلف الفاعلين في القطاع، وبدون أي مجهود  للاستثمار في بينية التخزين خاصة مع التخلص غير المبرر من مصفاة “سامير” لتكرير النفط وقدرتها الكبيرة على التخزين، جعل البلاد خاضعة لتقلبات السوق الدولية، وشبه عاجزة عن مواجهة أي أزمة طارئة في هذا الصدد.

وسبق للوزيرالمنتدب لدى رئيس الحكومة،المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة ممصطفى بايتاس التأكيد على أن مصفاة “سامير” موضوع تصفية قضائية، ولا يمكن أن تتدخل فيه الحكومة إلا بعد إغلاق الملف، موضحا أن “الحكومة ستتفاعل مع قضية ‘سامير’ على ضوء القرارات التي ستتخذها السلطات القضائية المشرفة على هذا الملف، أي عندما يقول القضاء كلمته”.

عن Snrt news

Exit mobile version