أكد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اليوم الثلاثاء 10 يناير 2023 بمجلس المستشارين، أن تعميم الحماية الاجتماعية بالبلاد يتطلب وجود بنية استشفائية قادرة على مواكبة هذا التحول، مشيرا إلى أن قطاع الصحة يعاني من مشاكل بنيوية تتجلى أساسا في صعوبة الولوج للعلاجات وخدمات صحية لا ترقى للحاجيات والانتظارات.
وأوضح أخنوش أن أهم مظاهر هذه الاختلالات تتمثل في ضعف تجهيز المؤسسات الطبية العمومية، وارتفاع كلفة الأدوية والعلاج بالمؤسسات الطبية الخاصة بالمقارنة مع القدرة الشرائية للطبقات الوسطى والمعوزة، بالإضافة إلى عجز المنظومة الصحية على المستوى الجهوي وعدم قدرة العديد من الجهات على التكفل بالمرضى، بسبب التوزيع غير العادل للموارد البشرية والمادية على مستوى التراب الوطني.
4 رافعات كبرى
وأبرز رئيس الحكومة، في جلسة المساءلة الشهرية المتمحورة حول تفعيل ورش التغطية الصحية والاجتماعية بالمغرب لترسيخ أسس الدولة الاجتماعية، أن هذا الأمر تطلب من الحكومة بلورة مقاربة جديدة لحكامة وتأهيل خدمات القطاع الصحي، باعتباره أحد الأسس الكبرى التي تهيكل تعاقدها مع المواطنات والمواطنين، عبر السعي نحو إعادة النظر في مسار العلاجات الأساسية وإحداث تحول عميق في نوعية الخدمات الطبية المقدمة.
وأبرز أن مكونات هذه المقاربة تتضمن 4 رافعات كبرى و11 إجراءً محوريا، تستهدف تقوية هذه المنظومة وتعزيزها لتستجيب لمختلف التحديات وضمان نجاح الأوراش الكبرى التي انخرط فيها المغرب.
وتهدف الركيزة الأولى، وفق رئيس الحكومة، إلى اعتماد حكامة جديدة تتوخى تقوية آليات التقنين وضبط عمل الفاعلين وتعزيز الحكامة الاستشفائية والتخطيط الترابي للعرض الصحي، على كافة المستويات الاستراتيجية والمركزية والترابية وذلك من خلال إحداث الهيئة العليا للصحة وإحداث المجموعات الصحية الترابية، فضلا عن إحداث وكالة الأدوية والمنتجات الصحية والوكالة المغربية للدم ومشتقاته، ومراجعة مهام ووظائف وهيكلة الإدارة المركزية.
أما الركيزة الثانية، فتسعى حسب أخنوش إلى تثمين الموارد البشرية، من خلال إحداث قانون الوظيفة الصحية لتحفيز الرأسمال البشري بالقطاع العام، وتقليص الخصاص الحالي في الموارد البشرية وإصلاح نظام التكوين، فضلا عن الانفتاح على الكفاءات الطبية الأجنبية، وتحفيز الأطر الطبية المغربية المقيمة بالخارج وحثها على العودة إلى أرض الوطن.
مضاعفة العاملين في قطاع الصحة
ولفت إلى أن الحكومة وقعت على اتفاقية-إطار تهدف إلى الرفع من عدد مهنيي الصحة من 17,4 لكل 10 آلاف نسمة المسجل سنة 2021 إلى 24 بحلول العام 2025 ثم إلى 45 في أفق سنة 2030 من أجل التوافق ومعايير المنظمة العالمية للصحة المحددة في 23 من مهنيي الصحة لكل 10 آلاف نسمة، وذلك بغلاف مالي يفوق 3 مليار درهم.
كما تسعى الحكومة إلى مضاعفة العاملين في القطاع الصحي من 68 ألف سنة 2022 إلى أكثر من 90 ألف بحلول سنة 2025، وهو ما يستدعي، وفق أخنوش، الرفع من عدد خريجي كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان مرتين، وعدد خريجي المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة ثلاث مرات في أفق 2025، إضافة إلى إرساء هندسة جديدة للتكوين الأساسي في كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان، وإحداث 3 كليات للطب والصيدلة و3 مراكز استشفائية جامعية بكل من الراشيدية وبني ملال وكلميم.
أما الركيزة الثالثة، يضيف أخنوش، فهي موجهة نحو تأهيل العرض الصحي، بما يستجيب لانتظارات المغاربة، بغية تيسير الولوج للخدمات الطبية والرفع من جودتها، والتوزيع العادل للخدمات الاستشفائية عبر التراب الوطني، عبر إصلاح مؤسسات الرعاية الصحية الأولية وتأهيل المستشفيات، ثم التأسيس لإلزامية احترام مسلك العلاجات، وإحداث نظام لاعتماد المؤسسات الصحية.
وترتبط الركيزة الرابعة، وفق رئيس الحكومة، برقمنة المنظومة الصحية الوطنية، وذلك عبر “إحداث منظومة معلوماتية مندمجة لتجميع ومعالجة واستغلال كافة المعلومات الأساسية الخاصة بالمنظومة الصحية، في أفق الحرص على تجميع مختلف خدمات المسار العلاجي للمواطنين في القطاعين العام والخاص وتحسين آليات تتبعها ومعالجتها”.